. 31 أغسطس, 2022, 19:18:39
حفظ الفروج.. المحكم الأخلاقي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد..
فإنَّ الله تعالى حين خلق العالم وقضى أنْ يعيش آدم وذريته في الأرض إلى قيام الساعة، استفهمت الملائكة عن أمرٍ، فقالت: ﴿أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾[البقرة:30]، فعلمت من تعليم الله لها أنَّ الإنسان متعرض للفساد والإفساد وسفك الدماء، فاستفهمت عن كيفية استخلاف من هذا حاله! لكن الله تعالى منَّ على هذا الإنسان فأرسل إليه الرسل من بني جنسه، وأنزل إليهم كتبه، وأوحى إليهم بصنوف من التشريعات تعلمه عبودية الله، وتضبط نظامه الاجتماعي والأخلاقي حتى لا يفسد في الأرض، وتبين له كيفية الوقاية من سبل الشيطان التي تفضي به إلى خرق هذا النظام الإيماني والذي يؤول به إلى الفساد في الأرض. قال تعالى: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾[الحديد:25]. وقال تعالى: ﴿وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلۡمِيزَانَ ٧ أَلَّا تَطۡغَوۡاْ فِي ٱلۡمِيزَانِ ٨﴾[الرحمن:7-8].
ومما أحكمه العليم الخبير المحكم الأخلاقي المتعلق بالفروج، والذي يترتب عليه حفظ النسل وحفظ النسب وحفظ العرض وحفظ النفس، وفي هذه السطور بيان لحيثيات هذا المحكم ومنزلته في دين الإسلام.
ثلاثة أصول مهمة
الأمر بحفظ الفرج مبني على ثلاثة أصول شرعية:
الأصل الأول: نص كثير من أهل العلم على أنَّ حفظ النسل يعد ضرورة من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها، والضروريات هي (ما لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى: فوت النجاة والنعيم والرجوع بالخسران المبين)([1]).
وممن نص على أنَّ حفظ النسل ضرورة من الضروريات الخمس: أبو حامد الغزالي([2]) والشاطبي([3]) والشوكاني([4]). وذلك لأنه يترتب على حفظه استمرار الحياة الإنسانية واستقرارها ويترتب على التفريط فيه انقطاع الوجود الإنساني واضطرابه وخراب العالم وفساده.
والنسل يتألف من الذكر والأنثى فقط، وما يتفرع عن ازدواجهما من أبوة فصاعداً وبنوة فصاعداً، وقرابة ورحم، ومناسبة ومصاهرة.
وبحفظ النسل يصبح للمجتمع هوية واضحة وخصائص معروفة، ويتمكن الناس من تنظيم العلاقات والمعاملات بطمأنينة ورضا، ويصبحون قادرين على الأخذ بأسباب القوة المادية والمعنوية، لأن المجتمع المتخلخل لا يستطيع فعل ذلك. والتفريط في مسألة حفظ الفروج بإقرار الزنا وإشاعة الفاحشة وإباحة العلاقات بلا قيود باب مشرع إلى اضطراب المجتمعات ونقص الناس وهلاكهم.
الأصل الثاني: المحافظة على نظام البيوت واستقرارها مقصد شرعي عظيم، وبه تتم المحافظة على الأصل الأول "ضرورة حفظ النسل". فمن أقوى أسباب حفظ النسل: حفظ النسب وصحته وحمايته من الخلط والتضييع، وهذا لا يكون إلا من خلال زواج ذكر بأنثى بعقد شرعي صحيح مكتمل الأركان. قال ابن عاشور: (انتظام أمر العائلات في الأمة أساس حضارتها وانتظام جامعتها. فلذلك كان الاعتناء بضبط نظام العائلة من مقاصد الشرائع البشرية كلها. ولم تزل الشرائعُ تُعنى بضبط أصل نظام تكوين العائلة الذي هو اقتران الذكر بالأنثى المعبَّر عنه بالزواج أو النكاح. فإنه أصل تكوين النسل، وتفريع القرابة بفروعها وأصولها. واستتبع ذلك ضبط نظام الصهر، فلم يلبث أنْ كان لذلك الأثرُ الجليل في تكوين نظام العشيرة فالقبيلة فالأمة. ولا جرم أن الأصل الأصيل في تشريع أمر العائلة هو إحكام آصرة النكاح، ثم إحكام آصرة القرابة، ثم إحكام آصرة الصهر، ثم إحكام كيفية انحلال ما يقبل الانحلال من هذه الأواصر الثلاث)([5]).
ولذلك أوجب الله تعالى على الوالدين تربية الأولاد، كما أوجب على الأولاد الإحسان إلى الوالدين وبرهما، وجعل القوامة للزوج وأوجب عليه الإحسان والنفقة والسكنى والكسوة وأوجب على المرأة الطاعة بالمعروف والصيانة والحفظ للغيب؛ كل ذلك لديمومة الاستقرار وانضباط مسار البيوت، وبهذا يكون الزواج الشرعي باباً من أبواب المحافظة على الفروج، لأنه يطهر العلاقات وينظم الشهوة.
الأصل الثالث: حفظ العرض مقصد شرعي عظيم قررته الشريعة، قال النبي r في حجة الوداع: (فإنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب)([6]). قال البغوي: (والعِرض موضع المدح والذم من الإنسان، يريد الأمور التي يرتفع الرجل أو يسقط بذكرها، فيجوز أنْ يكون فيه دون أسلافه، ويجوز أنْ يكون في أسلافه، فيلحقه النقيصة بذكرهم وعيبهم، هذا قول أكثر أهل اللغة)([7]). وهذا يدل على أهمية السيرة الأخلاقية للإنسان وأهمية نقائها وتوقي تدنيسها.
ومن حفظ فرجه عما لا يحل له يحرم قذفه والانتقاص من عرضه، لذا شُرع حد القذف ليكون رادعاً عن تشويه سيرة الإنسان أو تشويه نسبه وأخلاقه لما يؤول إليه من اضطراب المجتمعات، ولا يسلم مجتمع من الاضطراب والتزلزل على إثر القذف والتعدي على الأعراض ولو كان مجتمع المدينة النبوي؛ كما دلت حادثة الإفك على ذلك.
وعلى المسلم أنْ يدفع عن عرضه التهمة والريبة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فعن صفية بنت حيي قالت: (كان رسول الله r معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني - وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد - فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي r أسرعا، فقال النبي r: "على رسلكما! إنها صفية بنت حيي". فقالا: سبحان الله يا رسول الله. قال: "إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أنْ يقذف في قلوبكما سوءاً، أو قال: شيئاً")([8]).
وهنا أمرٌ ينبغي الالتفات إليه، وهو أنَّ الإخلال بالقواعد المنظمة للحياة الاجتماعية، والتفريط في ضروراتها وحاجياتها، والاستعلان بذلك من أشراط الساعة، وهذا لون من ألوان الذم الشرعي للأعمال والممارسات المخلة، فمن ذلك ما أخبر به النبي r أنَّ من أشراط الساعة: أنْ يظهر الزنا وتكثر النساء ويقل الرجال ([9]). ومعنى يظهر الزنا أي يشيع ويشتهر بحيث لا يتكاتم به لكثرة من يتعاطاه([10]) وكثرة النساء وقلة الرجال المتولدة عن شيوع الزنا يشير إلى اضطراب الصل الكبير: حفظ النسل. وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط)([11]). وعن ابن عباس t أنَّ رسول الله r قال: (لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع، حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضب دخلتم، وحتى لو أنَّ أحدهم ضاجع أمه بالطريق لفعلتم)([12]). ومن ظهور الزنا تشريعه وإباحته في القوانين الدولية وتيسيره ومنع إنكاره.
وحفظ الفرج هو نقطة الارتكاز في كل الأصول الثلاثة السابقة، لذلك أثنى الله تعالى على من راعى هذا المحكم الأخلاقي، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ ٦ فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ ٧﴾[المؤمنون:5-7]. وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بحفظ الفرج فقال: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠ وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ﴾[النور:31]
طُهر العلاقات
حفظ الفرج يكون بمنعه من الوقوع في المحرمات، كالزنا واللواط وغيرهما، ويكون بستره عن نظر الآخرين له، ويكون إباحته عند من أحل الله تعالى من الأزواج وملك اليمين. قال ابن كثير: (الذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، وما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج)([13]). بل جعل الإسلام بذل الفرج في المباح نوعاً من الإحسان ووسيلة من وسائل الخير، قال رسول الله r: "وفي بُضْع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"([14]).
فالإسلام لا يمنع شهوة النكاح، وإنما ينظمها ويرشدها ويزكيها، ومن هنا تفهم وصف الله تعالى بأنَّ حفظ الفرج تزكية لصاحبه وللمجتمع حين قال: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡ﴾.
وهذا المحكم الأخلاقي يتم بعدد من الأمور، شرعها الإسلام حفظاً للفروج التي بها تحفظ البيوت من التمزق وتحفظ الأنساب من الضياع ويحفظ النسل من الانقطاع ويحفظ المجتمع من التقاتل وتحفظ النفس من الضياع، ومنها:
§ المبادرة إلى الزواج والحث عليه والتغلب على عوائقه، قال النبي r: "يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"([15]).
§ إباحة زواج الرجل بأكثر من امرأة، إلى أربع نسوة، وذلك لما فطره الله عليه من قوة الشهوة والقدرة على استيعاب المحبوبات، قال تعالى: ﴿وَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا تَعۡدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ﴾[النساء:3].
§ إيجاب غض البصر عن ما حرم الله، قال تعالى: ﴿قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠ وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ﴾[النور:31].
§ وجوب الحجاب على المرأة ومنعها من إبداء زينتها أمام الرجال الأجانب، قال تعالى: ﴿وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾[النور:31].
§ تحريم اختلاط الرجل بالمرأة الأجنبية في البيوت وفي ميادين العمل والاتجار ونحوها، عن عقبة بن عامر t أنَّ رسول الله r قال: "إياكم والدخول على النساء". فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"([16]). قال ابن القيم: (ولا ريب أنَّ تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة. واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة. ولما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة: أرسل الله تعالى عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفاً، والقصة مشهورة في كتب التفاسير)([17]).
§ منع خلوة الرجل بامرأة أجنبية، قال رسول الله r: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)([18]).
§ وجوب قرار المرأة في بيت زوجها ووليها وعدم الخروج لغير حاجة صحيحة، قال تعالى: ﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰ﴾[الأحزاب:33]. قال مجاهد: (كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية)([19]).
§ منع المرأة من الخضوع بالقول في حضرة الرجل، قال تعالى: ﴿فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ﴾[الأحزاب:32]. وهو القول اللين الذي فيه خضوع المرأة للرجل وانكسارها عنده([20]).
§ وجوب القوامة على الرجال في بيوتهم، قال تعالى: ﴿ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ﴾[النساء:34]. وهذه القوامة متضمنة لأنْ يتكفل الرجل للمرأة بطلب الرزق وتوفير المسكن والكسوة والطعام والحماية، حتى لا تحتاج المرأة إلى الخروج ومزاحمة الرجال لتلبية هذه الحاجيات، فتلتزم الطاعة والقرار والعمل في إصلاح بيتها وتربية أولادها.
والحق أنَّ الشريعة أعدت قائمة مطولة من الأحكام التي تفضي إلى حفظ الفروج، وإنما أشرت إلى أهمها فحسب.
أبواب التهتك الأخلاقي
في عصرنا هذا تنتشر مظاهر التهتك الأخلاقي، ولها شرعت قوانين ونظم، ويدفع شباب العالم إليها دفعاً من خلال الغرس الثقافي الغربي الذي تقوم به مناهج تعليمية ووسائل إعلامية وشبكات افتراضية، وسأشير إلى عدد من المظاهر المحرمة المتفشية في مجتمعات الأمة الإسلامية، والتي تؤول إلى التفريط في المحكم الأخلاقي الكبير "حفظ الفروج" فمن ذلك:
1- الصداقة بين الجنسين. ويعني تكوين صحبة بين رجل وامرأة لا تحل له من غير محارمه.
2- الحب قبل الزواج. ويعني إقامة علاقة بين رجل وامرأة مبناها الحب بغرض التمهيد لعقد الزواج.
3- الاختلاط في مكان العمل الوظيفي. ويعني أن يوجد رجل وامرأة لا تحل له وليست من محارمه في مكان واحد، يجمعهما العمل الوظيفي.
4- الاسترسال في الحديث بين الجنسين والتساهل في ذلك، لا سيما في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وخروج المرأة إلى العمل الذي فيه اختلاط.
5- سماع الأغاني وحضور محافلها واجتماعاتها، لأنَّ الغناء يهيج الشهوة ويسكر القلب ويمهد للفاحشة، فكيف إذا كانت هذه الأغاني تحتوي على كلمات تدعو إلى الفحش والسوء.
6- نشوز الزوجة والتهاون في طاعة الزوج وتلبية حاجياته، فهو طريق إلى اضطراب الرابطة الزوجية وهيجان النفس ونظرها إلى الحرام.
7- التفريط في الحجاب الشرعي أمام الرجال الأجانب، والتهتك في اللباس، وإظهار الزينة والمفاتن.
8- متابعة المسلسلات والأفلام ويوميات التواصل الاجتماعي الداعية إلى الزنا ومقدماته والمرغبة في إقامة العلاقات المحرمة، إذ إنَّ كثيراً من المظاهر السابقة تنتشر غالباً على إثر عرضها في هذه الوسائل.
وكما أنَّ المظاهر المشار إليها محرمة فهي كذلك وسيلة للتفريط في المحكم الأخلاقي الذي أوجبه الله تعالى على الناس قاطبة، وهو حفظ الفروج.